الأربعاء، 24 أبريل 2013

كوكب القرود


البداية:
-------
تم إحتلال كوكب القرود من قبل كائنات آخرى أكثر تطوراً , وكان السر في سيطرة تلك الكائنات المتقدمة على الكوكب لسنوات طويلة يكمن في عدم ظهروهم المباشر ... ففكرة وجودهم بالأساس هى فكرة غير مطروحة وغير منطقية لدى معشر القرود إلا من عدد ضئيل جداً لم تفلح معه البرمجة الحالية , فألصقت لهم التهم بالضلال والهرطقة وساروا وراء سراب أفكار مضللة تلمع في صحراء الواقع .

على ظهر كوكب القرود :
------------------------
لم يؤمن الروحاني بالأسطورة القديمة بأن التدخين يقلل من العمر لأنه كان موقن بأن تلك الأشياء قد حددت مسبقاً قبل بدأ الخليقة .

لم يملك ذلك القرد شيئاً مميزاً , مع ذلك أطلقت عليه جماعته من القرود أسم "الروحاني" , وكان ذلك اللقب يهدف للسخرية أكثر مما يهدف للمدح نظراً لفلسفته الغير مفهومة للحياة .

جلس الروحاني على المرحاض وودع دخان سيجارته الأخيرة و أستمتع بتلويث هواء الغرفة بعد أن أيقن بأنه سيحتاج إلى رئة حديدية لتدخين سيجارة آخرى , وسرح في تلك الفكرة المزعجة التى أرقته دوماً ... فلم يفهم بعد لماذا تتقاتل جماعات القرود المختلفة منذ الأزل , ولكنه توصل أن السبب الرئيسي في ذلك القتال أن كل جماعة تريد أن تثبت أن عقيدتها الخاصة هى أكثر العقائد التى تدعو للسلام .

" اللعنة  ... إن الصدر لم يعد يحتمل المزيد من البؤس" ...
 قالها الروحاني و قد أطلق العنان لخيالاته المحرمة وهو يراقب دخان السيجارة المتصاعد أمامه , وقد أنقبض قلبه عندما ذهب عقله للتفكير في دمار الكوكب بعد أن تحول سكانه إلى مستهلكين يستنفذون الموارد المتاحة في بله ... فكل جماعة أرادت أن تمتلك أسلحة أكثر فاعلية كي تستطيع صد أي خطر يصدر من الرعاع الآخريين .

الدخان يتصاعد ...

 أكتشف أخيراً أن أحداً ما يلهو بمصير جنسه  , وأدرك القاعدة بأنه كي تتحكم بمجموعة من القرود عليك فرض نوعان من السيطرة ... سيطرة على المعتقدات و سيطرة الثروات كى لا يحيدوا بعيداً عن المخطط المرسوم .

" لقد أصبح الصدر مزبلة تحترق" ...
 أطلقها الروحاني ساخطاً بعد أن غرق تماماً في سحابة دخانه التى بدت كفوهة عميقة كأنها بوابة لعالم آخر , وتحرك الروحاني تجاه الثقب حتى سقط في دوامة من الأوهام , فألتهمه المرحاض بالكامل .

في اللحظة ذاتها , في مجرة آخرى , على أحد كواكب الكائنات الأعلى شأناً:
------------------------------------------------------------------------
راقبت مجموعة من العلماء الذين يرتدون ملابس بيضاء الملمس شاشات المراقبة اللامعدودة التى تحيط بتلك القاعة شديدة الإتساع , وكان الجميع منهمك بدراسة سلوك الملايين من القرود . ولكن فجأة , تجمع العديد بعد سماع دوي إنذار ليراقبوا تلك الشاشة التى تعرض بثاً حياً للروحانى .. ذلك القرد الذي قد خرج على النمط . و أمر أحد الأشخاص الذي ترتسم عليه علامات الجدية والذي أرتدى ملابس عسكرية تدل على أنه من القيادات العليا بأن يجلبوا هذا القرد ليكون محل للدراسة ... فلا وجود لأخطاء البرمجة لأن ظهور تلك الحلات بين جماعة القرود هو خطر غير محمود العواقب .




الجمعة، 12 أبريل 2013

بطل من ورق ينجو من الغرق



على ظهر السفينة :
-------------------
كان العرف بين الصيادين في تلك الأوقات العصيبة عند نفاذ الطعام لأيام معدودة حتى يصير خطر الموت جوعاً أمراً وشيك الحدوث بأن يلجأوا إلى القرعة التى ستختار الفائز سيئ الحظ والذي سيصبح فيما بعد وجبة طعامهم المقبلة ... ووقع الأختيار على الغلام .

تغلب الغلام على خوفه من الغرق عندما علم بأنه سيلقى حتفه بمصير مختلف ولكنه لم يفقد رابطة جأشه . فبالرغم من أنها رحلته الأولى إلا أنه شعر بأن البحر موطنه الأصلى مما أكسبه المزيد من السكينة , ولكن وقته قد أوشك على النفاذ , فطلب منه أن يتلو صلاته الأخيرة .

أسفل المياه العميقة :
--------------------
أستطاع البطل المصنوع من ورق النجاة من مخالب الغرق , فأشار بأصبعه الأوسط للقاع العميق بعلامة بذيئة وفقاً للفلكلور الشعبي الحالى , وشعر بالغبطة عندما ظن أنه قد أنتصر أخيراً على القدر ... ولكنه لم يكن يعي بأن البحر قد شبع من إلتهام المزيد
 من الحمقى .
 وفوجئ بيد ضخمة تسحبه إلى أعلى فوجد نفسه على مركب صيد مليئة بالصيادين متسخى الملابس شاحبي الوجوه , تتبادل أعينهم نظرات الدهشة بينه وبين غلام صغير قابع في مؤخرة السفينة , فقد كان ذلك الغلام ينظر إلى السماء كأنه يتحدث إلى الخالق .

سيطرت السعادة على البطل المصنوع من ورق حتى أفقدته صوابه وقرر الإبتسام , وشرع يشكر جماعة الصيادين من إنتشاله من قاع اليم , ولكن ما أرتسم على وجوههم لم يبعث عليه بعلامات الطمأنينة , فوفقاً للعرف السائد قرروا أن يخلوا سبيل الغلام , وشرعوا بأعداد العدة للإحتفال بالوليمة الجديدة بعد أحد عشر يوماً من الجوع .

------------------