الأحد، 29 أغسطس 2010

الصياد العجوز


اعتاد سكان هذه القرية الساحلية الصغيرة مترامية الأطراف على قسوة الطبيعة , فقد كانت العواصف تهب في أوقات كثيرة من العام . عاش في هذه القرية شاب دميم الوجه, رث الهيئة ,بعيداً عن الناس , فقد تجنب الإختلاط بهم تماماً , مما أدى إلى ظهور شائعات كثيرة بشأنه , فمنهم من أتهمه بالجنون , ومنهم من أتهمه بالسحر , ومنهم من أتخذه أضحوكة نظراً لهيئته الرثة .وذات صباح بعدما كان الجو صحواً والشمس ساطعة , إنقلبت الأجواء تماماً , وغطت الغيوم السماء, فقد أدرك الصيادون أن هناك عاصفة قادمة لا محالة , وان عليهم أن يهموا بالرجوع إلى الشاطئ .
وتجمع سكان القرية على الشاطئ آملين أن يستطيع ذويهم النجاة من هذه العاصفة المهلكة , فبالرغم من وصول الموج إلى إرتفاعات شاهقة , و أزدياد شدة الرياح حتى كادت تعصف بمن على الشاطئ , أستطاعت القوارب في الوصول سالمة إلا واحدا قد أبحر متأخراً, فقد كان قديماً متهالكاً , يملكه صياد عجوز.أستطاع الجمع على الشاطئ أن يروا القارب وهو يتحطم , و أدركوا على الفور أن هذا العجوز هالك لا محالة ,و في هذه الأثناء كان الشاب في وسط الجمع , وأدرك خطورة الموقف , ففكر بسرعة , و إتخذ القرار بالنزول إلى المياه و محاولة إنقاذ الصياد العجوز, وعندما ألقى بنفسه في المياه ,تعالت الصيحات و التحذيرات له من أنه سوف يلقى نفس المصير الذي ينتظر الصياد العجوز,وإن هى إلا  لحظات حتى أخذت تتلاطمه الأمواج  وتعالت الصيحات أكثر فأكثرمطالبة له للإستسلام للموت , فلا داعي لهذه المقاومة محسومة المصير.ومرت لحظات قليلة فلم يرا أثراً للشاب ولا للعجوز , فقد تلاشوا في وسط هذه الأمواج الثائرة.هَم الجمع بالرحيل وهم يشعرون بمزيج من الحزن والأسى , وعندها صاح أحدهم أنه قد رأى الشاب يحمل الصياد العجوز, فتعالت الهتافات و الصيحات , وعندما وصل الشاب ومعه  الصياد العجوز سالمين إلى الشاطئ ,إستقبله أهل القرية إستقبال الأبطال , وحملوه على الأعناق , وهنا سأله أحد الأهالى عن كيفية إنقاذه للصياد والرجوع سالماً بالرغم من هذه العاصفة المهلكة وبالرغم إجماع جميع أهالي القرية على موته المحقق .   ومن هنا تكلم الشاب " أستمحيك عذراً يا سيدي , فأنا لا أستطيع سماعك ....فأنا مصاب بالصمم "...وإستطاع السائل أن يعرف جواب سؤاله ففي أحيان كثيرة الإستماع لتحذيرات البشر هي السبب الرئيسي للفشل والجزع وعدم تحقيق الأهداف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق