الثلاثاء، 5 يوليو 2011

البئر


تعجز عن تذكر أى شئ  ... كان هناك ذلك الضوء الواهن في الأعلى ... تدرك أنك غارق في مياه عميقة مظلمة وأنك محاط بالصخور من كل النواحي كأنها دائرة مغلقة ضيقة كنت أنت مركزها . بدأت الألوان كلها تتلاشى إلى اللون الأسود ... تحاول صعود تلك البئر العميقة المظلمة  كأنك تصعد إلى فوهة بركان ... تنجح ... فتتسلق الصخوركحشرة تتجول على حائط صخرى , حتى تقترب من الحافة , فتنزلق قدماك وتهوى إلى الأسفل ... تحاول كرةً آخرى ولكنك تتعثر كلما أقتربت من بلوغ حدود البئرالعلوية , تكرر العملية في يأس ... تتوقف في الأخير... لقد خارت قواك , ولم تعد تشعر بأطرافك بعد الآن ... كان هناك ذلك الألم الذي نشأ من إستمرار تمسكك بالأمل ... ولكن في نهاية المطاف تستسلم , و تترك جسدك ليلتهمه ذلك البئر المظلم و تأخذ أنفاسك الأخيرة ...
 غطت المياه عينيك ثم غطت رأسك بالكامل ... رئتيك على وشك الإنفجار , ولكنها لم تنفجر بعد , جسدك يستمر في الهبوط أسفل القاع  بصورة منتظمة ... تعجز عن التنفس بالكامل , تعجز أيضاً عن فقدان الوعى ...
ترى تلك الصور المتقطعة التى لا تمثل شيئاً ذو معنى , لست على يقين من حالتك العقلية الآن , فإنك لاتدرى أفقدت الوعى أم لا ... يستمر الألم , ولكنك لاتدرى أتصرخ في ألم ؟ أم أنك تتألم في صمت ؟ ... ثم جالت ببالك تلك الخاطرة الأخيرة ... لقد كونت تلك الجزيئات الصغيرة من الصور ذلك المشهد المتحرك , مشهد شبيه بالمكان الحالى ... لقد رأيت نفسك تسبح إلى الأسفل حيث الظلام , ولكنك تبدأ برؤية شعاع من ضوء ضعيف قادم من مكان ما , تسبح نحو الضوء الذي بدأ يقترب ... توشك رئيتك على الإنفجار ... تتألم في صمت ولكنك تستمر في الصعود نحو ذلك الضوء الذي أقترب أكثر فأكثر ... لقد بلغت السطح .
تطفو على السطح , تملأك السعادة  , فأخيراً أصاب الذى الشئ الخفى الذي يدفعك للقيام بالأمورالأكثر غموضاً... تملأ صدرك بمخزون من الهواء , تستجمع قواك من جديد , تتجول عينيك في الإتجاهات الأربعة ... ولكنها لا تدرك شيئاً سوى اللون الأزرق ... لقد صرت محاصراً بالمياه من كل جانب ولم تستطع رؤية اليابسة قط , وتتسائل في دهشة ... " في أى أتجاه على أن أسلك ... ؟"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق