الأحد، 22 مايو 2011

الخفاش والغراب والنسر


الخفاش :

في البداية ... كان الخفاش حيوان صغير الجسم جميل الهيئة شبيهاً بالسناجيب الرشيقة جميلة المظهر. فكان يعبر الأراضى في رشاقة وخفة , وكان يتميز بنظره الحاد وبعنيه اللامعتين الجميلتين , ولكن بالرغم من مظهره البديع  , ظل ساخطاً على كونه لا يستطيع الطيران , فقد أراد التميز عن هذه الحيوانات البلهاء التى تمرح تحت أغصان الغابة ,وتمنى أن يطير مبتعداً عن هؤلاء الحمقى , فقد تمنى أن لو كان له أجنحة.
 و ذات ظهيرة وهو جالس في حزن ينظر إلى السماء , أقترب منه الهدهد يسأله في دهشة عما أصابه, فقال له أنه يسخط على كونه خفاشاً ضئيل الحجم لا يستطيع الطيران مثله , فقال الهدهد : أن الله قد خلقك في أحسن صورة فلا داعي للسخط , وأكمل الهدهد : ولكن إذا أردت الحصول على شئ فعليك أن تدعو الله , فهو مستجاب الدعوة , ولكني أنصحك أن تدعو بحكمة و بما هو يفيد .  أما الخفاش فظل يدعو الله كل يوم في سخط أن يهبه أجنحة و أن يجعله الحيوان الوحيد القادر على الطيران , وأن يتميز عن هؤلاء الحمقى القابعون تحت شجيرات الغابة. وذات يوم أستجاب الله لهذه الدعوة , فنمت له أجنحة , وأنطلق يحلق في الغابة في زهو يتملق الحيوانات الآخرى , وسرعان ما شاهدته النسور و بقية الجوارح حتى أقبلت عليه في سرعة مخيفة بمخالبها القوية , ولكنه أستطاع الفرار بأعجوبة . وفي اليوم التالى تكرر مشهد مطاردة الجوارح الذي ألقى في قلبه الرعب , وبسبب هذه الطيور المخيفة , لم يستطع الحصول على الطعام في الصباح أبداً حيث تربصت به هذه الجوارح المهلكة قاسية الملامح, فظل يعيش في كهف معتم , يخرج للأصطياد في المساء فقط , أما في الصباح فكان يختبئ في كهفه المظلم , و مع مرور الأيام نسيت عينيه الشعور بالضوء تماماً , حتى أصيب بالعمى ,وتحولت عينيه إلى تلك الشبيهة بعيون الموتى , وتأثر جلده أيضاً بفقدان الشمس , فتحول لونه إلى اللون الأسود .

الغراب :

في البداية ... كان الغراب ناصع البياض , يتخلل جسده الجميل بعض الريش الذهبي , و تميز أيضاً بصوته العذب الغناء الذي أستمتعت به كل حيوانات الغابة , وذات صباح أقبل طائر أصفر اللون بديع المظهر , يحلق في السماء الزرقاء الصافية ويغرد مبتهجاً بصوت عذب جميل محبب إلى النفوس ,فأدهش هذا الطائر الغريب جميع حيوانات الغابة , ولكن ملأت الغيرة والكراهية  قلب الغراب , الذى أنتظر حتى أقبل المساء , وقام بالإنقضاض على هذا الطائر الضعيف , فقتله ودفنه أسفل شجرة الكستناء العجوز التى فقدت أوراقها . وأقبل الصباح وتساءلت حيوانات الغابة عن غياب الطائر الأصفر البديع , فأسرع الغراب بالرد على أنه شاهده يذهب إلى دياره في المساء , ولكن تعجب الجميع من صوت الغراب الذي أصبح غليظاً منفراً, وأيضاً من مظهره القبيح فقد تحول لونه إلى اللون الاسود , أما الريش الذهبي الذي غطى رقبته , تحول إلى لون رمادي كئيب كلون الغبار , ومنذ ذلك اليوم لم يعد الغراب أبداً كما كان , وكان مصدر أزعاج لجميع حيوانات الغابة بسبب صوته الكئيب الشبيه بصوت حيوان هالك , وأيضاً من مظهره التعس الذي بعث الإنقباض في القلوب , وهجر الغراب الغابة , وعاش على أحجار القبور .

النسر :

في البداية ... كان النسر حيواناً ضعيفاً صغير الحجم , ولكنه كان حاد المزاج , عزيز النفس , وأدت طباعه الغليظة  أن جعلته منبوذاً  من بقية الطيور , حتى هجر الغابة وعاش بعيداً على أعالى الجبال . وذات صباح عندما أخذ يحلق في الأراضى البعيدة , أبصر بنظره الحاد أسراب الجراد البائس التى أخذت تقضى على الأخضر واليابس , فمحت كل الأراضى الخضراء التى مرت فى طريقها , وأخذت تقترب من الغابة . فهم  النسر بجسده الضعيف و جناحيه الواهنين بالإسراع إلى الغابة البعيدة حتى يحذر كل من فيها من الخطر المقترب . وقاول بكل ما يملكه من قوة حتى كاد أن يلقى حتفه من كثرة الإجهاد , ولكنه نجح في الأخير في الوصول إلى الغابة وتحذير الحيوانات من الخطر القادم , وبعدها سقط على الارض كالصخرة , وظن الجميع أنه قد لقى حتفه , ولكنهم أسرعوا بإعداد العدة للدفاع عن الغابة حتى أستطاعوا أن يصدوا الخطر تماماً , وأخذ الجميع بالإحتفال بهذا النصر العظيم , ولم ينكر الجميع فضل النسر في هذا الإنتصار, وقرورا تكريمه حتى مثواه الأخير , ولكن عندما توجهوا إلى جثته , وجدوه على قيد الحياة , والغريب أنهم لاحظوا تطور جسده الصغير الذي أصبح أكثر قوة, ولاحظوا أيضاً نمو جناحيه الذان صارا أكبر بأضعاف .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق