السبت، 9 أبريل 2011

الزنزانة


كان الظلام مخيفاً في هذا السجن الحديدي, فقد أستحالت رؤية يديك , كل ما تستطيع رؤيته هى تلك الحشرات الفسفورية اللون المنتشرة حولك , فتصاب بالغثيان و ينتابك الشعور بالهلع , ولكنك تهدء في نهاية المطاف لأنه لا يوجد ما تستطيع عمله حيال ذلك , تبصر أشباحاً من الماضي , تكذبها ثم لا تكذبها , تتحدث معها و تتحدث معك , تخفف عنك وطأة الألم تارة و تشعرك بالخوف تارة ,تخشي على البقية الباقية من عقلك من الإنفلات وراء الأوهام .فتستلقى مضجعاً ... تحاول الإسترخاء , تتذكر الماضي وكيف كان , وكيف كنت متألقاً حين ذاك وكيف كانت الحياة جميلة و سعيدة و ملونة بألوان الطيف , ولكن هذا لم يكن إلا كذبة كبيرة يخلقها عقلك تعمل كنوع من أنواع المسكنات , لأن الظروف لم تكن أفضل حالأ من الآن .
لعبة دنيئة يلعبها العقل لمجرد أن يجعلك تعقد مقارنة غير عادلة بين الأوضاع آنذاك و الأوضاع الحالية و بالتالى الندم على ما فات و الرغبة في العودة بالزمن إلى الوراء , وهو المستحيل بعينه. تنساب الدموع من هذه الذكريات التى أخرجها عقلك للتو , ذكريات أعتبرتها ممحية في وقت ما , ذكريات لم يعد يجدى الندم عليها و التفكير فيها لأنها أصبحت شيئاً من الماضي. لقد لعب العقل هذه اللعبة القذرة  وتركك مع أشباح الماضى في هذه الزنزانة المظلمة , ولكنك تحاول أن تملى النفس ببعض الذكريات السعيدة الغير موجودة , ولكنك أيضاً لم تحاول النهوض أبداً وإلتماس الجدران , لم تحاول أبداً أكتشاف باب الزنزانة الذي يفصلك عن العالم الخارجي , وعلى العكس فقد أضعت الوقت في التوغل في الماضي الذي ولى , مع العلم بأنك ترى نصف الصورة فقط , لأن الواقع ليس ألمياً في كل الأحوال فباب الزنزانة كان 
مفتوح دائماً , ولكنك لم تشغل بالك بالبحث عنه, أو حتى لم تفكر في الأمر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق