الجمعة، 15 أبريل 2011

المرآة


عندما نظر في المرآة , وكانت هذه المرة الأولى منذ شهور , أصابته رعدة في جسده لما رآى , لقد عكس شعاع الضوء صورة كائن آخر ذو ملامح غير آدمية , أنتفض فزعاً مما رآى , وتنحى جانباً و هو في حالة من الهلع , و لكن الغريب أن الكائن الذي أبصره كان مفزوعاً هو الآخر .
 حاول الهروب و لكنه تعثر على هذه الأرض الزلقة , وألتوى كاحله , ولكنه عندما رمى برأسه إلى الوراء ليرى أذا كان هذا الكائن يلاحقه أم لا, لم يلمح شيئأً, وعندها قام مسرعاً وأغلق باب هذه الغرفة, وحمد الله الذي نجاه من هذا المخلوق غريب الملامح , وقرر أن لن يرتكب مثل هذه الحماقة مرةً آخرى.


السبت، 9 أبريل 2011

الزنزانة


كان الظلام مخيفاً في هذا السجن الحديدي, فقد أستحالت رؤية يديك , كل ما تستطيع رؤيته هى تلك الحشرات الفسفورية اللون المنتشرة حولك , فتصاب بالغثيان و ينتابك الشعور بالهلع , ولكنك تهدء في نهاية المطاف لأنه لا يوجد ما تستطيع عمله حيال ذلك , تبصر أشباحاً من الماضي , تكذبها ثم لا تكذبها , تتحدث معها و تتحدث معك , تخفف عنك وطأة الألم تارة و تشعرك بالخوف تارة ,تخشي على البقية الباقية من عقلك من الإنفلات وراء الأوهام .فتستلقى مضجعاً ... تحاول الإسترخاء , تتذكر الماضي وكيف كان , وكيف كنت متألقاً حين ذاك وكيف كانت الحياة جميلة و سعيدة و ملونة بألوان الطيف , ولكن هذا لم يكن إلا كذبة كبيرة يخلقها عقلك تعمل كنوع من أنواع المسكنات , لأن الظروف لم تكن أفضل حالأ من الآن .
لعبة دنيئة يلعبها العقل لمجرد أن يجعلك تعقد مقارنة غير عادلة بين الأوضاع آنذاك و الأوضاع الحالية و بالتالى الندم على ما فات و الرغبة في العودة بالزمن إلى الوراء , وهو المستحيل بعينه. تنساب الدموع من هذه الذكريات التى أخرجها عقلك للتو , ذكريات أعتبرتها ممحية في وقت ما , ذكريات لم يعد يجدى الندم عليها و التفكير فيها لأنها أصبحت شيئاً من الماضي. لقد لعب العقل هذه اللعبة القذرة  وتركك مع أشباح الماضى في هذه الزنزانة المظلمة , ولكنك تحاول أن تملى النفس ببعض الذكريات السعيدة الغير موجودة , ولكنك أيضاً لم تحاول النهوض أبداً وإلتماس الجدران , لم تحاول أبداً أكتشاف باب الزنزانة الذي يفصلك عن العالم الخارجي , وعلى العكس فقد أضعت الوقت في التوغل في الماضي الذي ولى , مع العلم بأنك ترى نصف الصورة فقط , لأن الواقع ليس ألمياً في كل الأحوال فباب الزنزانة كان 
مفتوح دائماً , ولكنك لم تشغل بالك بالبحث عنه, أو حتى لم تفكر في الأمر .

الخميس، 7 أبريل 2011

الجانب الآخر من النهر


وجد نفسه في هذه الأرض الجافة ذات الأشواك  والنباتات الزابلة , كان منهك القوى حيث تمكنت الآلام من جميع أعضاء جسده المتهالك الذي أصابه الأعياء الشديد , أستجمع قواه وحاول النهوض, فنجح بصعوبة في نهاية المطاف , نظر إلى نفسه و تأمل ثيابه البالية الرثة , كان ظهره منحنياً بشدة بسبب أثقال وأعباء الزمن , أما وجه فكانت تملأه تجاعيد الحياة , وكانت عيناه زابلتين يحيطها السواد من كل جانب .لم تكف يداه و قدماه عن الإرتجاف , أبصر بصعوبة شديدة , فقد كان خائر القوى لدرجة أنه فضل المكوث دون حراك حتى تتعفن جثته, لكنه قاوم و أستجمع قواه مرة آخرى , وعندها ألقى نظرة فاحصة على المكان المحيط , أبصر نهراً أمامه كما أبصر تلال خضراء على الجهة المقابلة من ذلك النهر , أتجهه نحوه فكانت مياهه صافية متلألئة , لقد رأى هذا المشهد عشرات المرات في أحلامه, رأى نفسه عائماً في هذه المياه إلى الجانب الأخر حيث أكتست الأراضى بالون الأخضر ,أما السماء فكانت زرقاء صافية, وكان عبق ورحيق الأزهار يملأ المكان ويشعرك بالسكينة ,أما ألوانها فكانت ساحرة تشعرك بالدفءبمجرد النظر إليها.

عبرأخيراً إلى الجهة المقابلة من النهر و أغتسل من مياهه المتلألة , فعادت معه عافيته و قوته من جديد , لقد زال الألم , توقفت يداه عن الإرتعاش ,زال الشعور بالبرد , أختفت الندوب و الحروق من جميع مواضع جسده , لقد بعث من جديد إلى عالم بلا ألم أو مرض أو برد أو ظلام أو حزن أو هم أو كآبة .



الأربعاء، 9 فبراير 2011

الطارق


أرتفع صوت طرقات عالية على هذا الباب الخشبي أسود اللون , وعندها قام شاب في منتصف العمرمفزوعاً من نوم عميق , كان في هذه الحالة التى لا يستطيع فيها المرء التمييز بين الواقع والأحلام , وأسرع بمعرفة صاحب هذه الطرقات المزعجة التي أزعجت نومه الهادئ , ففوجئ برجلين , طوال القامة , عريضي المناكب , وجهوههم صارمة ذات ملامح مخيفة,و طالبوه بالذهاب معهم لإستجوابه .أدرك الشاب على الفور أنهم من جهةٍ أمنيةٍ ما ,وعندما هم بالتسائل عن نوع الجريمة التي أرتكبها , أكتشف انه لا يتذكر شيئاً على الإطلاق , فقد أصيب بفقدان ذاكرة مفاجئ, ولم يستطيع الإعتراض وقرر الإمتثال لطلبهم , فقد كان أكثر ما يخشاه هو إرتكابه لمجموعة من الجرائم قبيل فقدانه لذاكرته, وأقتاده الرجلين إلى عربة سوداء غريبة المنظر,وكانت الشوارع حينذاك خالية تماماً من المارة, وعندما أطل برأسه من زجاج العربة , تعجب من لون السماء, فلم يستطيع تمييز الوقت, أم هو الفجر؟ أم هو الغروب؟... وتعجب أيضاً من منظر السحاب ومن لونه الداكن الذي كان أقرب إلى السواد , وبينما هو سارح فى أفكاره , بدأ  يتذكر بعض الأشياء تدريجياً , تذكر أمه المريضة التى لم يراها منذ شهور, تذكر أيضاً ديونه المتراكمة , وتذكر الصلاة التى فرط فيها منذ عقود ... وقطع حبل أفكاره ذلك الشخص الذي رآه ماراً في الطريق , فقد كان يعرفه جيداً , فكان هذا الشخص هو أبوه.

وأندهش تماماً من رؤيته لأبيه في هذا الوقت الذي خلت فيه الشوارع من المارة وتلبدت فيه الغيوم , و لم تكن هذه أكبر علامات الإستفهام , ولكن العلامة الكبرى تمثلت في  كيفية رؤيته لأبيه الذي مات منذ سنوات .



الخميس، 9 ديسمبر 2010

نظرية التكيف

قررت الحكومة تغيير شعار الدولة المتمثل في هذا النسر المهيب دليل العزة والشموخ , وقررت محيه من العلم الوطني , وأيضاً من جميع الأختام الرسمية و أستبداله بديناصور عملاق. وقد تعجب المراقبون من هذا التغيير, وفسره البعض بأنه يرمز إلى ديناصورات الحكم الحالية, وفسره الآخروون  على أنه رسالة موجهه إلى الشعب نفسه لتذكيره بنظرية التكيف, هذه النظرية التي تعلمها الإنسان منذ بداية الحضارة الإنسانية , فقد أدرك أن التكيف مع البيئة المحيطة سمة أساسية لمواصلة الحياة, لذا فقد عمدت هذه الرسالة الموجهة إلى تذكير الشعب بأن على المواطن التكيف مع أوضاع البلاد الحالية , وان أى شخص يحاول التغيير أو الإصلاح سيلاقي نفس مصير الديناصورات ... وهو الإنقراض


الأحد، 29 أغسطس 2010

الصياد العجوز


اعتاد سكان هذه القرية الساحلية الصغيرة مترامية الأطراف على قسوة الطبيعة , فقد كانت العواصف تهب في أوقات كثيرة من العام . عاش في هذه القرية شاب دميم الوجه, رث الهيئة ,بعيداً عن الناس , فقد تجنب الإختلاط بهم تماماً , مما أدى إلى ظهور شائعات كثيرة بشأنه , فمنهم من أتهمه بالجنون , ومنهم من أتهمه بالسحر , ومنهم من أتخذه أضحوكة نظراً لهيئته الرثة .وذات صباح بعدما كان الجو صحواً والشمس ساطعة , إنقلبت الأجواء تماماً , وغطت الغيوم السماء, فقد أدرك الصيادون أن هناك عاصفة قادمة لا محالة , وان عليهم أن يهموا بالرجوع إلى الشاطئ .
وتجمع سكان القرية على الشاطئ آملين أن يستطيع ذويهم النجاة من هذه العاصفة المهلكة , فبالرغم من وصول الموج إلى إرتفاعات شاهقة , و أزدياد شدة الرياح حتى كادت تعصف بمن على الشاطئ , أستطاعت القوارب في الوصول سالمة إلا واحدا قد أبحر متأخراً, فقد كان قديماً متهالكاً , يملكه صياد عجوز.أستطاع الجمع على الشاطئ أن يروا القارب وهو يتحطم , و أدركوا على الفور أن هذا العجوز هالك لا محالة ,و في هذه الأثناء كان الشاب في وسط الجمع , وأدرك خطورة الموقف , ففكر بسرعة , و إتخذ القرار بالنزول إلى المياه و محاولة إنقاذ الصياد العجوز, وعندما ألقى بنفسه في المياه ,تعالت الصيحات و التحذيرات له من أنه سوف يلقى نفس المصير الذي ينتظر الصياد العجوز,وإن هى إلا  لحظات حتى أخذت تتلاطمه الأمواج  وتعالت الصيحات أكثر فأكثرمطالبة له للإستسلام للموت , فلا داعي لهذه المقاومة محسومة المصير.ومرت لحظات قليلة فلم يرا أثراً للشاب ولا للعجوز , فقد تلاشوا في وسط هذه الأمواج الثائرة.هَم الجمع بالرحيل وهم يشعرون بمزيج من الحزن والأسى , وعندها صاح أحدهم أنه قد رأى الشاب يحمل الصياد العجوز, فتعالت الهتافات و الصيحات , وعندما وصل الشاب ومعه  الصياد العجوز سالمين إلى الشاطئ ,إستقبله أهل القرية إستقبال الأبطال , وحملوه على الأعناق , وهنا سأله أحد الأهالى عن كيفية إنقاذه للصياد والرجوع سالماً بالرغم من هذه العاصفة المهلكة وبالرغم إجماع جميع أهالي القرية على موته المحقق .   ومن هنا تكلم الشاب " أستمحيك عذراً يا سيدي , فأنا لا أستطيع سماعك ....فأنا مصاب بالصمم "...وإستطاع السائل أن يعرف جواب سؤاله ففي أحيان كثيرة الإستماع لتحذيرات البشر هي السبب الرئيسي للفشل والجزع وعدم تحقيق الأهداف


الخميس، 26 أغسطس 2010

الملك المبارك


في الإحتفال الذي أقيم بمناسبة مرور ثلاثون عاماً على تنصيبه ملكاً , أصبح الملك حينذاك في عمر يناهز الخامسة  والثمانون , وقد حضر الحفل كل وزراء و أعيان المملكة , فقد تقاسم هؤلاء ثروات البلاد فيما بينهم في حين كان شعبهم يعيش في حالة من الفقر المدقع . والغريب في الأمر أن هؤلاء الوزراء قد لقبوا بأسماء هي بعيدة كل البعد عن الواقع , فهناك الوزير المنصور , و الوزير الرشيد ,والوزير الشريف , و الوزير النظيف .... و أستطاع النظام ان يحكم الشعب بقبضة من حديد. أما الشعب فقد كان يعيش في حالة من الهوان والذل, وفقد كل حقوقه وكبريائه, و أنتشر الفقر و الجهل في أنحاء البلاد , و أنشغلوا بصغائر الأمور وعمت السلبية , ولم يحرك أحد ساكنًا إلا واحداً الا وهو طاهي الملك . فلم يقبل بهذا الوضع المهين الذي يعيش فيه الشعب فقرر أن يخلص الشعب من هذا الملك الظالم , فقد كان يعلم مدى شراهة الملك للطعام و ولعه الشديد بالحلوى , وقرر أن يصنع كعكة ضخمة محشوة بالزرنيخ .
وفي أثناء الإحتفال عندما حان موعد تقديم الحلوى , جاء الخدم بالكعة الضخمة شهية المنظر, وتوقع الطاهي أن تنتهي حياة الملك بمجرد تناوله قطعة صغيرة منها , لكن ما حدث قد خالف كل توقعاته , فقد ظل الملك يأكل القطعة تلو الآخرى في نهم شديد حتى ألتهم الكعكة كلها.
 فقد تناول الملك قدراً من الزرنيخ يكفي لإبادة جيل كامل من الفئران.ومع ذلك ....ظل الملك مباركاً على قيد الحيا ة.وأمر بإعداد كعكة آخرى