البداية:
-------
تم
إحتلال كوكب القرود من قبل كائنات آخرى أكثر تطوراً , وكان السر في سيطرة تلك
الكائنات المتقدمة على الكوكب لسنوات طويلة يكمن في عدم ظهروهم المباشر ... ففكرة
وجودهم بالأساس هى فكرة غير مطروحة وغير منطقية لدى معشر القرود إلا من عدد ضئيل
جداً لم تفلح معه البرمجة الحالية , فألصقت لهم التهم بالضلال والهرطقة وساروا
وراء سراب أفكار مضللة تلمع في صحراء الواقع .
على
ظهر كوكب القرود :
------------------------
لم
يؤمن الروحاني بالأسطورة القديمة بأن التدخين يقلل من العمر لأنه كان موقن بأن تلك
الأشياء قد حددت مسبقاً قبل بدأ الخليقة .
لم
يملك ذلك القرد شيئاً مميزاً , مع ذلك أطلقت عليه جماعته من القرود أسم
"الروحاني" , وكان ذلك اللقب يهدف للسخرية أكثر مما يهدف للمدح نظراً
لفلسفته الغير مفهومة للحياة .
جلس الروحاني على المرحاض وودع دخان سيجارته الأخيرة و أستمتع بتلويث هواء الغرفة بعد أن أيقن بأنه
سيحتاج إلى رئة حديدية لتدخين سيجارة آخرى , وسرح في تلك الفكرة المزعجة التى
أرقته دوماً ... فلم يفهم بعد لماذا تتقاتل جماعات القرود المختلفة منذ الأزل , ولكنه توصل أن السبب الرئيسي في ذلك القتال أن كل جماعة تريد أن تثبت أن
عقيدتها الخاصة هى أكثر العقائد التى تدعو للسلام .
"
اللعنة ... إن الصدر لم يعد يحتمل المزيد من
البؤس" ...
قالها الروحاني و قد أطلق العنان لخيالاته
المحرمة وهو يراقب دخان السيجارة المتصاعد أمامه , وقد أنقبض قلبه عندما ذهب عقله
للتفكير في دمار الكوكب بعد أن تحول سكانه إلى مستهلكين يستنفذون الموارد المتاحة
في بله ... فكل جماعة أرادت أن تمتلك أسلحة أكثر فاعلية كي تستطيع صد أي خطر يصدر
من الرعاع الآخريين .
الدخان
يتصاعد ...
أكتشف أخيراً أن أحداً ما يلهو بمصير جنسه , وأدرك القاعدة بأنه كي تتحكم بمجموعة من
القرود عليك فرض نوعان من السيطرة ... سيطرة على المعتقدات و سيطرة الثروات كى لا
يحيدوا بعيداً عن المخطط المرسوم .
"
لقد أصبح الصدر مزبلة تحترق" ...
أطلقها الروحاني ساخطاً بعد أن غرق تماماً في
سحابة دخانه التى بدت كفوهة عميقة كأنها بوابة لعالم آخر , وتحرك الروحاني تجاه الثقب
حتى سقط في دوامة من الأوهام , فألتهمه المرحاض بالكامل .
في اللحظة
ذاتها , في مجرة آخرى , على أحد كواكب الكائنات الأعلى شأناً:
------------------------------------------------------------------------
راقبت
مجموعة من العلماء الذين يرتدون ملابس بيضاء الملمس شاشات المراقبة اللامعدودة
التى تحيط بتلك القاعة شديدة الإتساع , وكان الجميع منهمك بدراسة سلوك الملايين من
القرود . ولكن فجأة , تجمع العديد بعد سماع دوي إنذار ليراقبوا تلك الشاشة التى
تعرض بثاً حياً للروحانى .. ذلك القرد الذي قد خرج على النمط . و أمر أحد الأشخاص
الذي ترتسم عليه علامات الجدية والذي أرتدى ملابس عسكرية تدل على أنه من
القيادات العليا بأن يجلبوا هذا القرد ليكون محل للدراسة ... فلا وجود لأخطاء
البرمجة لأن ظهور تلك الحلات بين جماعة القرود هو خطر غير محمود العواقب .